يمكن أن يؤدي الاضطرار إلى الاختيار من بين عدد لا يحصى من الخيارات إلى حالة تسمى "شلل التحليل"، حيث ينتهي بك الأمر إلى عدم اختيار أي منتج على الإطلاق! وفي المقابل، من الممكن أن يؤدي هذا الشلل إلى تأجيل خططك المالية، أو ربما اختيار المنتج الأكثر ترويجاً بغض النظر عن فوائده ومزاياه. وفي كلتا الحالتين، ستؤثر اختياراتك في رحلتك نحو الرفاهية المالية.
لهذا السبب، من المهم التعامل مع الخيارات الفائضة باستخدام استراتيجيات مدروسة تحدد الآليات الصحيحة بطريقة علمية.
تتمثل الاستراتيجية الأولى في تبسيط الاختيارات من خلال وضع قاعدة للاختيار، وهي طريقة سليمة يمكن استخدامها عند الحاجة للاختيار بين خيارات ذات سمات متعددة. على سبيل المثال، عند الاختيار بين حسابات التوفير من بنوك مختلفة، والتي تنطوي على سمات متعددة مثل الرسوم وأسعار الفائدة وعمليات السحب النقدي والأرصدة وغيرها. ستساعدك قاعدة الاختيار في استبعاد الاحتمالات التي لا تتناسب مع اهتمامك. على سبيل المثال، إذا كنت تفضل بنكين فقط، ستتقلص احتمالاتك تلقائياً، ثم يمكنك بعد ذلك تصفية اختياراتك بناءً على سمات أخرى حتى تتوصل إلى الخيار المناسب لك.
ولكن هذه الطريقة قد لا تكون ناجحة في كل الأوقات، مما لا يترك أمامك سوى اللجوء إلى شخص آخر لمساعدتك في تبسيط اختياراتك. يمكنك سؤال مستشار لتحديد أفضل الخيارات بدلاً من الخيارات المتاحة.
تمتد قاعدة الاختيار لتشمل القرارات المالية المهمة والاختيارات اليومية كذلك، بما فيها تحديد الميزانية وإدارة النفقات وما إلى ذلك. كما تساعد قاعدة الاختيار في التعامل مع كمية كبيرة من القرارات المالية الصغيرة يومياً، مما تجنبنا الدخول في حالة فوضى باتخاذ القرارات اليومية.
علاوةً على ذلك، فإن إزالة القرارات البسيطة يمنحنا مجالاً أكبر لتقييم ومقارنة وتقدير المخاطر واتخاذ قرارات أفضل في إطار التخطيط المالي، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في المنتجات المعقدة.
"الرضا والإكتفاء" هي استراتيجية اتخاذ القرار التي تهدف إلى الوصول إلى حل مرضٍ أو "جيد إلى حدٍّ ما" بدلاً من الحل الأمثل الذي ربما يصعب الوصول إليه. ويجمع المصطلح بين "الرضا" و"الكفاية"، وكان أول من استخدمه الاقتصادي وعالم النفس هربرت أ. سايمون في منتصف القرن العشرين. كما يشير هذا النهج إلى أن الأفراد غالباً ما يواجهون قيوداً مثل الوقت أو المعلومات أو الموارد المعرفية، مما يجعل تقييم كل خيار ممكن أمراً مستحيلاً. وفي مثل هذه الحالات، عندما يلبي القرار "المُرضي" أهدافك، فمن الحكمة المضي قدماً في هذا القرار بدلاً من انتظار الحل الأمثل أو الأفضل. وفي نهاية المطاف، تظهر الدراسات العلمية أن الناس يشعرون بسعادة أكبر عند اتخاذ الخيارات المُرضية مقارنة بالخيارات الأفضل والأمثل والتي هي في الغالب أكثر تعقيداً وقد تؤدي إلى إضاعة العديد من الفرص والوقت الثمين.
يمكن أن يكون لبعض القرارات المالية التي تتخذها تأثير طويل الأمد، لذا، يجب عليك الاختيار بحكمة. ومن أبرز أمثلتها القرارات المتعلقة بتخصيص كميات كبيرة من الأموال مثل الرهن العقاري والتقاعد. يجب أن تكون مثل هذه القرارات مدروسة جيداً، ومدعومة بالرؤى والنصائح والبحوث، كما أنها تتطلب منك امتلاك مستوى كافٍ من الخبرة لاتخاذ القرار الصحيح.
من الاستراتيجيات الأخرى التي يمكنك استخدامها هي نهج "حدد وانسى"، حيث تقوم بإعداد قائمة بالنفقات الافتراضية أو التعليمات المؤقتة للتحويلات المالية، وبالتالي تقلّص عدد القرارات التي تحتاج إلى اتخاذها بشكل دوري. فعند البدء برحلتك الاستثمارية، قد ترغب في اختيار استراتيجية تتضمن هذه العناصر لكل لا تضطر إلى مراجعة كافة الاستراتيجيات، أو إعادة النظر في الأسهم أو الاستثمارات الأخرى وتجنب تكبد رسوم المعاملات، مما يضمن لك تحقيق الربح لفترة لا بأس بها.
تشكل استراتيجيات الاستثمار والقرارات المالية اعتبارات صعبة وقد تتطلب القيام ببعض الأبحاث قبل الشروع بها. كما أن توافر الكثير من خيارات المنتجات قد يجعل من الصعب العثور على المنتج المناسب والذي قد يكون في الغالب غير مرغوب لدى المستثمر. لذلك قبل أن تقع في فخ كثرة الخيارات، قد ترغب في الاستفادة من هذه الاستراتيجيات لتبسيط التعقيدات واتخاذ أفضل قرار مالي بالنسبة لك.