مع أن تحديد الهدف يعد جزءّا لا يتجزأ من الإدارة المالية لغرض الاستثمار، أو توفير المال، أو التحكم في إنفاقك، أو حتى تحديد المبلغ الذي ستقترضه، إلا أنه قد يشكل مهمةً صعبة بحد ذاتها. في نهاية المطاف، يجب أن تكون الأهداف التي تحددها منطقية بالنسبة لك، وقابلة للتحقيق، وتساهم في تحقيق رفاهيتك المالية.
لنبدأ بالأساسيات. لماذا نحتاج إلى تحديد الأهداف؟ لأنه إذا لم يكن لديك هدف محدد أو شيء تسعى لتحقيقه، فعلى الأرجح سينتهي بك الأمر إلى إنفاق أكثر مما ينبغي، وستعجز عن تسديد فاتورة غير متوقعة أو دفعة قرض ربما تكون قد نسيتها. ولذلك فإن العمل لتحقيق هدف مالي محدد سيجنبك اللجوء إلى بطاقتك الائتمانية في الأمور غير المتوقعة، أو الوقوع في دوامة المدفوعات التي لا تنتهي.
صدق أو لا تصدق، فهناك علم مختص بتحديد الأهداف الناجحة. وستخبرك هذه المدونة بكيفية تحديد أهدافك على النحو المناسب ليكون تخطيطك المالي آمنًا.
يبدأ التخطيط المالي الناجح بالتوافق الذاتي، ويعني ذلك أن الأهداف التي تحددها يجب أن تتلاءم مع عواطفك واهتماماتك وغايتك الأساسية. فعلى سبيل المثال، هل تحدد أهدافك الخاصة، أم تتبنى نفس الهدف الذي تتبناه زوجتك أو صديق لك، أو تستلهم فكرة من منشور على وسائل التواصل الاجتماعي؟ إذا لم يحفزك الهدف حقًا على تحقيقه، فأنت على الأرجح تضيع وقتك.
هنا تكمن أهمية التوافق الذاتي باعتباره مبدأ أساسيًا لتحديد الأهداف الناجحة، فهو يساعدك على تحديد الأهداف التي تهمك حقاً، وليس لأن صديقك أو شريكك "قال ذلك".
إن الهدف الذي يتماشى مع اهتماماتك وقيمك يستحق التحقيق ويغدو أكثر أهمية عند تحقيقه. لذا، إذا كنت ترغب في استثمار الوقت والجهد والمال لتحقيق أهداف مالية معينة، فتأكد من أنها تمثل شخصيتك الحقيقية أولًا.
إذا لم تحدد لنفسك أهدافاً دقيقة يهمك تحقيقها، فستكون كمن يطلق النار في الظلام. من أبرز المنهجيات المتبعة لتحديد الأهداف هي منهج سمارت SMART .
يتمثل تخطيطك للنجاح من خلال جعل أهدافك المالية محددة (Specific)، وقابلة للقياس (Measurable)، وقابلة للتحقيق (Achievable)، وواقعية (Realistic)، ومحددة زمنياً (Timely). اكتسبت منهجية سمارت SMART اسمها من جمع الأحرف الأولى لهذه الجوانب.
إن التأكد من توافق أهدافك مع إطار عمل سمارت SMART أسهل مما تعتقد. فيما يلي مثال عن كيفية تحويل خطة مثل "أود توفير المال لأتمكن من الحصول على شهادة جامعية" إلى هدف ادخار ذكي وفق هذه المنهجية:
قد يكون إطار عمل "سمارت - SMART" معقدًا بالنسبة للبعض، مما يقودنا إلى اتباع النهج العلمي التالي للتخطيط المالي وهو نوايا التنفيذ؛ والذي يتيح ببساطة التخلص من التعقيد والتوتر عبر صياغة خطة محددة حول توقيت ومكان وسبل تحقيق هدف معين. حيث يمكن لهذه الخطط أن تتخذ صيغة "إذا - سوف" التي تربط بين الإشارات الظرفية والسلوكيات الموجهة نحو الهدف.
يعدُّ هذا الهدف قابلًا للتحقيق، ويعطي خطة عمل محددة تتيح لمزيد من الأشخاص متابعة إدارتهم المالية.
لا بأس ببعض التأمل الذاتي، خصوصًا عندما تحاول ادخار مزيد من المال أو تقليل الإنفاق أو حتى الاستثمار، وهذا يقودنا إلى مبدأ التباين الذهني.
يرتبط تحقيق هدفك المالي إلى حد كبير بالقدرة الذهنية، وبالتالي فإن هذه التقنية النفسية تحقق المعجزات للكثيرين. ويمكن دمجها بشكل جيد مع نوايا التنفيذ باستخدام إطار المقارنة والتباين.
يقوم مبدأ التباين الذهني على تحديد وتخيل المستقبل المرغوب فيه، ومقارنته مع واقعك، مما يفرض عليك اتخاذ موقف إيجابي، ومن ثم استكشاف العوائق التي تمنعك من تحقيق ذلك المستقبل والعمل على تجاوزها.
قد تتساءل عن سبب وجود التعاطف مع الذات في هذه القائمة. والجواب أننا جميعًا نرتكب الأخطاء، وينطبق ذلك على تخطيطنا المالي أيضاً، فأحيانًا نتعثر، ونفوّت المواعيد النهائية، ونواجه نفقات غير متوقعة قد تتعارض مع خططنا الادخارية. ولذا فإن التعاطف مع الذات في مواجهة الأهداف غير المحققة يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام وحافزًا للعودة إلى المسار الصحيح. قد يؤخر ذلك خططك، ولكنه يساهم حتماً في تحقيق أهدافك.
تذكر أنك كلما أسرعت في تحديد أهدافك، تمكنت من العمل بشكل أسرع لتحقيقها بالمستوى المطلوب من التركيز والتصميم.