هذه الخطوة تضع البعض على بداية الطريق السريع نحو الحرية المالية. ولكن بالنسبة للبعض الآخر، قد تكون هذه الرحلة حافلة بالمغريات التي قد تصرف انتباههم عن أهدافهم المالية المرجوة.
لقد مررنا جميعاً بهذه المرحلة، حيث نعيش حياتنا يومًا بيوم، وننفق أموالنا على ساعة برّاقة ، أو أحدث إصدار من سماعات AirPods، أو جهاز آيفون جديد، أو جهاز تلفاز جديد، دون أن ندخر شيئاً في ذلك الشهر.
قد تبدو الفجوة كبيرة بين ما تنوي وما تقوم به فعليًا. وقد تعتقد أن قوة الإرادة لا فائدة منها في هذا السياق. ولكن، ماذا لو وجدت طريقة تساعدك على الادخار للمستقبل قبل أن يتسنى لك إنفاق راتبك التالي؟ هكذا يمكنك التغلب على إغراءات الإنفاق من خلال التحلي بالمسؤولية ومواصلة الحرص على بناء مستقبلك المالي بشكل سليم. وهنا، يأتي الدور الفعال لأدوات الالتزام لتردم هذه الفجوة التي يظن الكثيرون أنه يصعب ردمها.
تشير كلمة "أداة" هنا إلى عامل خارجي يدعم التزامك بعدم الإنفاق ولكنه يحمّلك المسؤولية في الوقت ذاته. يمكن أن تكون هذه الأداة صديقًا، أو تطبيقًا، أو هاتفك المتحرك، أو حتى منتجًا ماليًا.
وبالتالي، فإن العِلم الذي تتناوله أدوات الالتزام يلعب دورًا محوريًا في تغيير سلوكك.
وفي الواقع، فإن معظم مدفوعاتك اليوم تعتبر التزامات. وقد يكون جزءًا من راتبك مخصصًا لمدفوعات مستحقة سلفًا. وتأتي بعض المنتجات المالية، مثل الرهن العقاري، أو القرض، أو بطاقة الائتمان، مع أدوات التزام مدمجة ضمنها. حسناً، ألا تذكر كيف قمت بتحديد موعد السداد بشكل مسبق؟ هذا مثال واقعي عن أدوات الالتزام.
ومن أدوات الالتزام أيضًا إعداد تذكير بالدفع، واختيار السداد التلقائي، مثل الخصم المباشر، أو غير ذلك من الأنظمة.
باختصار، تعتبر أدوات الالتزام استراتيجيات أو خطط عمل يمكنك من خلالها الالتزام بتحقيق تطلعاتك الادخارية، ومقاومة الانجذاب للإنفاق على أشياء أخرى.
يغدو التخطيط المالي أكثر سهولة بفضل أدوات الالتزام، حيث تلعب أدوات التمكين مثل التحويلات التلقائية إلى حسابات التوفير أو السداد التلقائي للقروض، دورًا فعالاً في حصر أموالك لفترة زمنية محددة. فالخصم التلقائي لصالح حساب التوفير الخاص بك يمنحك ميزانية إنفاق ثابتة وراحة بال استثنائية.
علاوةً على الادخار، تساعدك أدوات الالتزام على تعقب إنفاقك والتخطيط لميزانيتك الشهرية. وتساعدك هذه الأدوات الخارجية في تسديد التزاماتك عبر تزويدك باستراتيجيات ناجحة لتحقيق أهدافك المالية، وتتيح لك تعقب رصيد حسابك لتعطيك بذلك صورة دقيقة عن إنفاقك، كما توفر لك أدوات لتحديد أهداف واقعية وتحقيقها بتركيز وعزيمة.
إليك أسلوب آخر لتقطع التزامًا مع نفسك- أبرم عقدًا مع الذات. تخيل نفسك مستقبلاً وأنت أكثر سعادة، وثراء، وراحة بال، و من دون المعاناة التي تمر بها حاليًا لسداد ديونك. أو تخيل نفسك مع مستقبل مالي آمن، أو أنك تستطيع تغيير مهنتك حين تشاء دون خوف أو قلق بشأن وضعك المالي. تبدو جميعها أفكارًا جيدة، أليس كذلك؟ إذًا أبرم عقدًا مع نفسك على الصورة التي تخيلتها في المستقبل، وارجع إلى هذا العقد من وقت لآخر، وذكّر نفسك بضرورة الوصول إلى تلك الحالة الذهنية المستقرة.
إذا شعرت أن توقيع عقد مع نفسك يبدو أمرًا غريبًا، فيمكنك الاستعانة بصديقٍ لك أو أحد أفراد العائلة ليكونوا بمثابة أداة التزام. يمكنك الترتيب معه لفرض غرامة على نفسك في حال لم تتمكن من تحقيق هدفك. وهنا تلعب الجوانب الاجتماعية والنفسية للالتزام دورها في تشجيعك.
تعتبر الميزانيات أدوات شائعة في مجال الرفاهية المالية، فهي بسيطة وسهلة الإعداد ويجري استخدامها لأنواع محددة من النفقات. فمن خلال وضع ميزانيات منفصلة لأنشطة مختلفة، مثل تناول الطعام خارج المنزل، والسفر، والتسوق، وما إلى ذلك، فإنك تُنشئ أداة التزام من اختيارك. يمكنك أيضاً تحديد الإنفاق بواسطة بطاقة واحدة، أو استخدامها لنشاط محدد، أو تحويل جزء من المال إلى حساب توفير قبل استخدام تلك البطاقة.
إن وجود شركاء معك يلقي على عاتقك مسؤولية مشتركة، وبالتالي يدفعك أكثر للالتزام بالميزانية. كما يمكنك تكوين فهم أفضل لأموالك ، والسعي بجدية أكبر لتحقيق أهدافك من خلال إعداد قوائم وإنشاء جداول بيانات يسهل تتبعها. ويمكن أن تساعدك المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهاتف المتحرك في تحقيق ذلك، وهو ما يقودنا إلى الجانب التكنولوجي من أدوات الالتزام.
تلعب التكنولوجيا دورًا إيجابيًا في هذا الإطار، إذ يعتبر التذكير وطرق الدفع التلقائية أدوات التزام تبقيك على المسار الصحيح. ولا شك أن التكنولوجيا يمكنها دعم مساعيك لتحقيق مستقبل مالي آمن، فهي توفر عددًا كبيرًا من الخيارات لمساعدتك، بما في ذلك الأدوات التي تدور المبلغ الذي تنفقه إلى أقرب رقم وتحول الفرق إلى حساب توفير. ومن خلال هذا التطبيق، يمكنك التوفير في كل مرة تنفق فيها، لأن ذلك يضع أمامك حاجزًا، أي أنك ستفكر مليًّا قبل أن تتهور في إنفاق راتبك.
في النهاية، هناك العديد من الطرق لإنشاء أدوات التزام، سواء من خلال وضع قيود مادية ملموسة، أو الاستعانة بالأصدقاء، أو العائلة، أو التكنولوجيا، وما إلى ذلك. ويبقى الهدف النهائي من ذلك هو الادخار، وهذا الدافع يجب أن ينبع من ذاتك. ولكي تبقى إيجابيًا ومرتاحًا، عليك أن تقرر بنفسك نوعية القيود التي تحتاجها لضمان مستقبلك المالي. في كل الأحوال، اختر بحكمة، واحرص على الالتزام، ومن المؤكد أنك ستصل إلى هدفك في آخر المطاف.
إن الآراء الواردة في هذه الحلقة مخصصة لأغراض المعلومات العامة والتثقيف فقط، ولا تُعد نصيحة مالية أو استثمارية أو قانونية أو ضريبية. ينبغي على المستمعين الحصول على استشارة مستقلة من مختص مؤهل قبل اتخاذ أي قرارات مالية. لا يتحمل بنك الإمارات دبي الوطني ش.م.ع. أي مسؤولية عن أي خسارة قد تنشأ نتيجة الاعتماد على المحتوى الذي تم مناقشته.