تنبع الأخطاء الإدراكية من طريقة العمل الطبيعية للدماغ البشري. إذ تتمتع أدمغتنا بقدرات حسابية محدودة، ولذلك نعتمد على الاختصارات العقلية والقواعد الأساسية لفهم المعلومات المعقدة بشكل سريع. وقد تسبب هذه الاختصارات في استنتاجات خاطئة مما قد يؤدي بدوره إلى اتخاذ قرارات مالية متسرعة.
وتندرج الأخطاء الإدراكية تحت نوعين رئيسين؛ وهما تحيزات التشبث بالمعتقدات وتحيزات معالجة المعلومات، حيث تؤدي الأولى إلى التمسك بالمعتقدات الموجودة حتى عند وجود المزيد من المعلومات التي قد تتعارض معها. بينما تؤثر الثانية على كيفية تفسيرنا للمعلومات وسبل استخدامها عند اتخاذ القرارات الاستثمارية.
يعد التحيز التأكيدي من الأخطاء الإدراكية الشائعة الأخرى؛ ويحدث عندما يبحث المستثمرون بشكل انتقائي عن المعلومات التي تؤكد معتقداتهم وآرائهم الحالية حول استثمار ما. على سبيل المثال، لنفترض أنك تعتقد أن أسهم التكنولوجيا مهيأة للنمو، ولذلك عندما تصادف مقالة تناقش الجانب الإيجابي لأسهم التكنولوجيا، من المرجح أن تقول لنفسك "إن هذه المقالة تدعم معتقداتي ومفاهيمي بأن التكنولوجيا هي المكان المناسب للتداول في الوقت الحالي". وفي المقابل قد لا تؤثر المقالات التي تناقش المشاكل المحتملة لأسهم التكنولوجيا فيك إطلاقاً.
فيما يلي بعض الطرق المحتملة للتغلب على التحيز التأكيدي:
يعد التحيز التكيفي من التحيزات الشائعة لناحية معالجة المعلومات. يحدث ذلك عندما يركز المستثمرون على تلقي معلومات أولية فقط بشأن الاستثمار، مما يعيق قدرتهم على التكيف في حال توفر معلومات جديدة.
على سبيل المثال، تخيلوا أنكم على وشك شراء أسهم شركة ما بقيمة 50% دولار أمريكي للسهم الواحد. فجأة، تسمعون أحد المؤثرين في مجال الاستثمار يتنبأ بارتفاع قيمة تداول هذه الأسهم إلى 80 دولار للسهم خلال العام المقبل، فتهتموا بهذا التوقع وتركزون عليه بشكل كبير وترون أنه السعر المرجح لتداول أسهم الشركة. بينما قد يتم خلال الأسابيع القليلة المقبلة نشر العديد من التحليلات المتحفظة التي تشير إلى التداول بقيمة 60 دولار فقط للسهم. ومع ذلك، قد لا تبدون أي استعداد لتعديل توقعاتكم وتصرون على اعتقادكم أن 80 دولار هو السعر المرجح للتداول.
فيما يلي بعض الاقتراحات التي يمكن أن تساعد في التغلب على التحيز التكيفي:
يعد النفور من الخسارة أحد التحيزات العاطفية الشائعة، حيث تظهر الأبحاث أن خسارة المال تؤثر نفسياً بمقدار مرتين من تأثير كسب المال. وبعبارة أخرى، فرحة كسب 100 دولار تعادل نصف ألم خسارة 100 دولار فقط. من الممكن كذلك أن يعزز هذا التحيز من تمسك العديد من المستثمرين بصفقاتهم الخاسرة لفترة طويلة جداً على أمل استرداد خسائرهم أو تجنب الخسارة تماماً.
فيما يلي بعض الممارسات التي يمكن أن تساعد في مكافحة تحيز النفور من الخسارة:
يحدث تحيز الثقة المفرطة عندما يبالغ المستثمرون في تقدير قدرتهم على إجراء صفقات مربحة أو التنبؤ بحركات السوق. وربما يؤدي هذا التحيز إلى المخاطرة أكثر من اللازم في اتخاذ قرارات الاستثمار. أما من الناحية العاطفية، فيشعر المستثمرون ذوو الثقة المفرطة أن معتقداتهم الراسخة في اتخاذ قرارات التداول قد تبرر تداولهم بشكل متكرر. لكن تشير العديد من الدراسات أن زيادة عمليات التداول قد تؤدي إلى عوائد أقل بمرور الوقت.
فيما يلي بعض النصائح المحتملة لمعالجة تحيز الثقة المفرطة:
غالباً ما تشعرنا تحيزاتنا السلوكية بأنها عقلانية تماماً في تلك اللحظة. لكن مجرد أن نكون على دراية بوجودها يمكن أن يساعدنا على التوقف والبحث عن وجهات نظر بديلة عند التفكير في القرارات المالية. إذ قد يساعدنا البحث عن وجهات نظر مختلفة وموثوقة وتتبع عمليات التداول بشكل منهجي والاعتماد على القواعد والحدود في مواجهة طبيعتنا الأصلية من أجل التداول بنجاح على المدى الطويل. قد تتطلب مراقبة الأخطاء الإدراكية والتحيزات العاطفية القليل من الانضباط، ولكن ذلك قد يعود عليكم بالكثير من الفائدة.
إن الآراء الواردة في هذه الحلقة مخصصة لأغراض المعلومات العامة والتثقيف فقط، ولا تُعد نصيحة مالية أو استثمارية أو قانونية أو ضريبية. ينبغي على المستمعين الحصول على استشارة مستقلة من مختص مؤهل قبل اتخاذ أي قرارات مالية. لا يتحمل بنك الإمارات دبي الوطني ش.م.ع. أي مسؤولية عن أي خسارة قد تنشأ نتيجة الاعتماد على المحتوى الذي تم مناقشته.
تعلم حول
الاستثمار