قبل تحديد أي أهداف مالية، خصصوا بعض الوقت لإجراء تحليل موضوعي لأسلوبكم في إدارة مصروفاتكم اليومية. تأملوا ملياً حجم إنفاقكم وادخاراتكم خلال الثلاثة إلى الستة أشهر الماضية. ما الذي تلاحظونه؟ هل تميلون إلى إنفاق معظم أموالكم شهرياً مع ادخار القليل منها؟ هل تعانون من عدم القدرة على مقاومة عمليات الشراء الاندفاعية؟
حاولوا فهم سلوكياتكم المعتادة فيما يتعلق بالإنفاق والادخار واتخاذ القرارات المالية، ثم حددوا الأسباب الكامنة وراء هذه السلوكيات. فعلى سبيل المثال، قد يدفعكم التوتر إلى الإفراط في الإنفاق، أو لعلكم تجدون صعوبة في مقاومة "الكماليات الصغيرة" بعد أسبوع طويل من العمل. كلما زادت معرفتكم بأسباب عاداتكم المالية، الجيدة منها والسيئة، كلما كنتم أكثر قدرة على تحديد الأهداف المناسبة.
بناءً على هذه المعرفة الذاتية؛ ابدأوا بوضع أهداف مالية محددة وقابلة للقياس والتحقيق وملائمة ومحددة زمنياً. وليكن ذلك على نطاق صغير مع التركيز على إحداث تغيير تدريجي يسهل الالتزام به.
على سبيل المثال، إذا أظهر تحليلكم أنكم تواجهون مشكلة متكررة في الادخار، ضعوا هدفاً لأنفسكم بادخار 50 درهماً فقط كل أسبوع بشكل تلقائي. وإذا كنت تفرطون في الإنفاق على الوجبات السريعة، التزموا بتقليل الوجبات الخارجية إلى يوم واحد فقط في الأسبوع.
فالخطوات الصغيرة هي الأفضل عند محاولة تغيير السلوكيات. ولا تتوقعوا أن ينجح الأمر على الفور. فغالباً ما يفشل المرء في تحقيق الأهداف التي يضعها سريعاً خارج حدود منطقة راحته.
بالحديث عن توسيع مناطق الراحة، يمكن لأتمتة جزء من أموالكم أن يحقق إنجازات تثير الدهشة. ذلك أن ترتيب إجراء تحويلات تلقائية إلى حسابات توفير منفصلة أو استثمار مبلغ محدد تلقائياً من كل راتب شهري كفيل بإخراج هذه المبالغ من نطاق اتخاذ القرار حتى يصبح ادخارها أمراً مفروغاً منه.
بمجرد أتمتة مبلغ ما بتحويله على نحو متكرر إلى صندوق طوارئ مثلاً، يصبح الحفاظ على هذه العادة المالية الإيجابية أمراً سهلاً. ذلك أن الطبيعة التلقائية للأتمتة تساعد في تفادي المشكلات المتعلقة بضبط النفس، والتي غالباً ما تخرّب الممارسات السليمة لإدارة الأموال.
يساعد وضع ميزانية محددة في تحديد أماكن إنفاق أموالكم شهرياً بدقة. بمجرد معرفتكم ببيانات الإنفاق الدقيقة، يمكنكم تخصيص أموالكم بشكل استراتيجي وفقاً لأولوياتكم. كما يوصي خبراء إعداد الميزانيات بتصنيف النفقات إما إلى احتياجات أو رغبات أو مدخرات و/أو مدفوعات ديون.
توخوا الدقة قدر الإمكان بشأن الدخل المتاح بعد تغطية احتياجاتكم الأساسية. ما الذي يمكن أن يساهم بشكل واقعي بتحقيق أهداف الادخار أو مدفوعات الديون الإضافية؟ يقلل هذا التقسيم الواضح من التخمين أو التفكير بالتمني في شؤونكم المالية، فيصبح لدراهمكم بذلك وظائف محددة تتماشى مع قيمكم وتدعم تحقيق أهدافكم.
يتمثل الجزء الأخير من أحجية وضع الأهداف المالية في التتبع والتقييم. لا تضعوا أهدافاً إيجابية ثم تنسوها! حاولوا وضع تذكيرات في التقويم للتحقق من تقدمكم على مدار الشهر.
هل تحدث التحويلات الآلية بانتظام؟ هل انخفضت عمليات الشراء الاندفاعية؟ ما مدى التقدم الذي أحرزتموه في سداد ديون بطاقات الائتمان؟ تساهم عمليات المساءلة المتكررة هذه في زيادة التحفيز وتحديد النقاط السلبية.
إذا كانت بعض الأهداف بحاجة إلى تعديل، فلا بأس بذلك. أعيدوا تقييم الأمر في ضوء الرؤية التي اكتسبتموها، وعدلوا أهدافكم أو جداولكم الزمنية وفقاً لذلك، فالمفتاح لتحقيق ذلك هو الاتساق والوعي المستمرين. ربما لا تحرزون تقدماً كبيراً، ولكن الانتباه والالتزام يضمن لكم السير على الطريق الصحيح.
إن الآراء الواردة في هذه الحلقة مخصصة لأغراض المعلومات العامة والتثقيف فقط، ولا تُعد نصيحة مالية أو استثمارية أو قانونية أو ضريبية. ينبغي على المستمعين الحصول على استشارة مستقلة من مختص مؤهل قبل اتخاذ أي قرارات مالية. لا يتحمل بنك الإمارات دبي الوطني ش.م.ع. أي مسؤولية عن أي خسارة قد تنشأ نتيجة الاعتماد على المحتوى الذي تم مناقشته.
تعلم حول
الاستثمار