قوّة العادات: التغييرات الصغيرة تقودك نحو مدّخراتٍ كبيرة

لا شك أن الحياة مليئة بالتحديات المالية، خاصةً عندما تكون مسؤولاً عن أسرة. فبين أقساط المنزل ورعاية الأبناء والمصاريف الصحية وغيرها من الضرورات، من السهل أن ترتفع المصروفات على حساب الدخل، مما قد يرمي بك في ضائقة مالية ما لم تتوخ الحذر والحكمة في الإنفاق.

الخبر الجيد هو أنك ربما لن تحتاج إلى إحداث تغييرات جذرية في نمط حياتك للتحكم في شؤونك المالية. إذ يكفي غالباً أن تقوم بتغييرات صغيرة ومستمرة في عاداتك المالية اليومية ليؤدي ذلك إلى توفير كبير بمرور الوقت.

إليك أربعة مجالات يمكن أن تُحدث فيها عاداتك المالية الذكية فرقاً كبيراً:

وضع ميزانية محددة

إنّ وضع ميزانية محددة هو بوصلتك المالية التي تساعدك في الوصول إلى أهدافك؛ ومع ذلك، فإن الكثيرين لا يُحبّذون فكرة ضبط الإنفاق. ولهذا السبب، من المهم أن تكون عملية وضع الميزانية نابعةً من وعي وتخطيط وليس من مبدأ الحرمان. إذ لا ينبغي أن تشعر بأنك مُقيّد بسبب الميزانية المضبوطة، بل هي أداة تمكنك من التحكم في أموالك واتخاذ قرارات شراء مدروسة.

يمكنك البدء بتدوين جميع مصروفاتك الشهرية الثابتة مثل السكن، والديون، ورعاية الأطفال، وما إلى ذلك. كما ينبغي بعدها وضع قائمة بالاحتياجات مثل: الإيجار، البقالة، المرافق، المواصلات، إلخ. وأخيراً، قم بإعداد قائمة الرغبات، مثل: تناول الطعام خارج المنزل، الترفيه، والإجازات. تُظهر الدراسات أنه كلما كانت فئات الميزانية مفصّلة بشكل أكبر، كان من الأسهل ضبط الإنفاق.

بمجرد تحديد ميزانيتك، اختر فئة مرنة من "الرغبات" لتقليل الإنفاق عليها، مثل تناول الطعام بالخارج. قلل تدريجياً ما تخصصه لهذه الفئة كل شهر. استخدم هذه المدخرات لدعم هدف مهم آخر مثل صندوق الطوارئ أو مدخرات الدراسة في الكلية. وبمرور الوقت، ستلاحظ أن تقليص الإنفاق على تناول الطعام في الخارج أو الوجبات الجاهزة قد يؤدي إلى توفير آلاف الدراهم.

أتمتة شؤونك المالية

إن إعداد التحويلات والمدفوعات المؤتمتة يمكن أن يساعد في ترسيخ عادات مالية إيجابية. وفيما يلي بعض الأمثلة المجدية التي يمكنك تجربتها:

  • قم بعملية إيداع تلقائي لجزء من راتبك الشهري في حساب توفير منفصل ذي عائد مرتفع. تساعد هذه الطريقة على جعل الادخار أسهل مع كسب المزيد من الفائدة.
  • قم بإعداد مدفوعاتٍ تلقائية للنفقات الشهرية الثابتة. لا توفر هذه الطريقة الوقت فحسب، بل تساعدك أيضاً في تجنب رسوم التأخير الناجمة عن نسيان تاريخ الاستحقاق.

اشترك في خطة ادخار تلقائية من كل راتب، حتى لو كان 3-5% فقط من دخلك. وبفضل قوة الفائدة المركبة، فإن هذا التغيير البسيط في كل شهر قد يحقق لك عشرات الآلاف من الدراهم عند التقاعد.

ضع نفسك في المقام الأول

يضمن بنكك الخاص المبلغ الأساسي في الوديعة الثابتة، كما أنك ستحصل على فائدة على وديعتك. إذا رغبت في تحقيق أقصى استفادة من ودائعك الثابتة، يمكنك الأخذ في الاعتبار إعادة استثمار الفائدة التي كسبتها مرة أخرى في وديعة ثابتة، للحصول على فائدة مركبة على أموالك. تعطيك مراكبة فائدتك مع مرور الوقت ادخارًا أكبر من أي وقت مضى.

من المؤكد أنك لن تجني مبلغًا ماليًا كبيرًا من الوديعة ثابتة كما هو الحال في سوق الأوراق المالية؛ مقابل ذلك لن تخاطر بفقدان أموالك. مما يجعل الودائع الثابتة خيارًا جيدًا وآمنًا لمحفظتك الاستثمارية.

علم أطفالك عادات مالية جيدة

غالباً ما يقلد الأبناء تصرّفات آبائهم في المنزل، ولذلك من المهم إظهار العادات المالية الإيجابية أمامهم. تحدّث بصراحة عن إجراء مقايضات لتوفير المال من أجل تحقيق أهداف كبيرة. أطلع أبناءك على ميزانيتك، وشاوِر الأكبر سناً منهم في عملية اتخاذ القرارات المالية. امنحهم مخصصاتٍ مالية وشجعهم على ادخار جزء منها.

يمكن لأطفالك تجنب بعض التحديات التي ربما واجهتها، من خلال تعلم مهارات إدارة الأموال في وقت مبكر. ساعدهم على تحقيق الاستقلال المالي وبناء ثروتهم الخاصة.

اضغط هنا لمعرفة المزيد عن طرق تعزيز الوعي المالي في منزلك.

تغييرات صغيرة تمهد الطريق لتحقيق نتائج كبيرة

إن التحكم في النفقات لا يتطلب منك قلب نمط حياتك رأساً على عقب. في الواقع، تُظهر الأبحاث أن التغييرات الجذرية نادراً ما تدوم طويلاً مقارنة بالتحولات التدريجية في العادات.

حاول بدايةً التركيز على إجراء تغييرات بسيطة في عاداتك المالية، ودعها تكتسب زخماً إيجابياً تدريجياً. بمرور الوقت، يمكن أن تتراكم الدراهم الصغيرة التي قد تنفقها عادةً بشكل غير مدروس إلى مبالغ كبيرة من خلال الادخار والاستثمار.

رغم أن مواكبة العادات المالية اليومية قد تبدو مملة في البداية، إلا أنه يُمكنك أن تعتبر هذه العادات بمثابة بذور صغيرة الآن. كما يُمكن لهذه البذور أن تنمو تدريجياً بفعل التأثير المركّب لتصبح شجرةً مثمرة. إن العناية المستمرة بهذه البذور المالية سيضمن المستقبل المالي لعائلتك، فكلّ درهم توفره الآن سيكون بمثابة بذرة جديدة سرعان ما تنمو لتسفر عن حصاد وفير من المال.

إن الآراء الواردة في هذه الحلقة مخصصة لأغراض المعلومات العامة والتثقيف فقط، ولا تُعد نصيحة مالية أو استثمارية أو قانونية أو ضريبية. ينبغي على المستمعين الحصول على استشارة مستقلة من مختص مؤهل قبل اتخاذ أي قرارات مالية. لا يتحمل بنك الإمارات دبي الوطني ش.م.ع. أي مسؤولية عن أي خسارة قد تنشأ نتيجة الاعتماد على المحتوى الذي تم مناقشته.

تعلم حول

الاستثمار