كيف تستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق أهدافك المالية

نحن البشر اجتماعيون بالفطرة، فنحن نحب الاختلاط، وأصبحنا بفضل التكنولوجيا قادرين على متابعة أخبار بعضنا والتواصل بشكل دائم عبر مختلف قنوات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك وانستجرام.

لكن قد تنتابنا في بعض الأحيان مشاعر من الغيرة أو التعجب تجاه ما نراه على صفحات الأصدقاء أو المؤثرين الذين يستعرضون مقتطفات من حياتهم المترفة، سواء تناولهم لأشهى الأطباق، أو زيارتهم لأفخم الوجهات، أو امتلاكهم لخزائن من الملابس الباهظة.

تهدف هذه المنشورات في الأساس إلى إثارة غيرتك، وهو ما قد يؤثر على نفسيتك وقراراتك في الإنفاق وعلى رفاهك المالي في نهاية المطاف. حتّى أنّ هناك أدلة علمية تثبت بأنه في حال تلّقى أشخاص من حولك مكافأة مالية بشكل غير متوقع ولم تحصل عليها أنت، فمن المرجح أن يدفعك ذلك إلى إنفاق المزيد من المال لتشعر بأنك لست مختلفاً عنهم، لكن هذه الخطوة ليست في مصلحتك. فمثلاً قد تضطر إلى إجراء عمليات شراء عبر أحد التطبيقات لتبقى مواكباً للموجة فقط. في هذه المدونة، سنضيء الجوانب التي يمكنك تجنبها لتحقق رفاهك المالي، ونقدم بعض الرسائل الإيجابية التي يجب أن تركز عليها.

إدراك المغريات

بدايةً، من المهم جداً أن تدرك بأن البذخ الذي تراه على وسائل التواصل الاجتماعي قد يهدف إلى الإيحاء بثراء مزيف. لكن ليس كل من ينفق ببذخ هو الأكثر ثراءً بالضرورة. غالباً قد تكون على معرفة بصديق أو قريب ينفق الكثير من الأموال لمجرد "الحفاظ على مظهره"، وهو ما قد يستنزف جزءاً كبيراً من ثرواته بسبب الاستهلاك المفرط. من المعروف أن العديد من الأسر ذات الدخل المنخفض تقع في مثل هذه المشكلات وينتهي بها الأمر في حلقة مفرغة من الديون، وأحياناً في مشكلة مالية خطيرة.

في البداية، عليك أن تدرك ماهية المغريات التي قد تدفعك إلى الإنفاق بإسراف. هل هي حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تروج لمنتج ما، أو مؤثرين يخبرونك بمدى فخامة مكان أو حقيبة أو تجربة ما؟ إذا كان الأمر كذلك، قم بإلغاء الصداقة أو المتابعة وافعل كل ما يلزم لتحافظ على أموالك. ولعل النقطة الأهم من إثارة الغيرة، هي أن متابعة هذه الحسابات يعوقك عن التركيز على شؤون حياتك، كما أنه يحد من إبداعك ويضعف مهاراتك الشخصية. لذا عليك أن تكون مدركاً لقدراتك وحاول ألا تقارن نفسك بالآخرين، لأن ذلك قد يدفعك إلى إنفاق المزيد. هناك بعض الأدلة على أن الاستخدام الزائد لوسائل التواصل الاجتماعي والإنفاق باستخدام بطاقات الائتمان سببان لزيادة الإنفاق. وهناك كذلك أدلة على أن مشاهدة صور سفر الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي تجعلك ترغب في زيارة نفس الوجهات. ومن أكثر الأدلة إثارةً للاهتمام هي أن بعض الأشخاص ينشرون مشترياتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الدعم والقبول الاجتماعي من الآخرين!

وبالتالي، قد يساعدك الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي عند استلام راتبك في تحقيق أهدافك المالية، فابتعادك عن المغريات سيجعلك محصناً أكثر من إنفاق المال بدون سبب وجيه.

التأثيرات الإيجابية

إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يُعد سلاحاً ذو حدين، فكما تضرك قد تنفعك. احرص على متابعة الحسابات أو الأشخاص الإيجابيين الذين يمكنهم تقديم نصيحة حقيقية لك. أصبح الحديث عن الأمور المالية أمراً عادياً في ظل وسائل التواصل الاجتماعي، لذا قد تكون مصدراً للمناقشات المفيدة في هذا الشأن. فهناك تطبيقات تساعد على توفير المال، ومنتديات تقدم مساعدات في الشؤون المالية، ومواقع ويب مُخصّصة للأمور المالية، ومجتمعات مالية أخرى عبر الإنترنت موجهة للأشخاص الراغبين في تحسين وضعهم المالي. ابحث أيضاً عن مفاهيم جديدة في مجال الإدارة المالية يمكن أن تساعدك في التركيز على تحقيق الرفاه المالي السليم. وربما تجد منتجات جديدة تمنحك المزيد من المعلومات. لذا استفد من الوصول الكبير الذي توفره وسائل التواصل الاجتماعي، فهي وسيلة مهمة للحصول على المنتجات المناسبة.

ومن الطرق الأخرى لتجنب المقارنة الاجتماعية، هي التركيز على الأشياء الجيدة في حياتك. احتفظ بدفتر مذكرات يمكنك من خلاله تدوين الأشياء التي تشعر بالامتنان لامتلاكها - الأسرة والأصدقاء وغيرها الكثير. يمكن أن يشكل ذلك تأثيراً إيجابياً ويحافظ على توازنك ويحثك على بناء رفاهك المالي. إذ تظهر الدراسات العلمية أن التعبير عن الامتنان يمكن أن يزيد من مستوى الرفاه العام ويحد من الميل إلى المقارنات الاجتماعية. بهذه الطريقة، ستشعر برغبة أقل في شراء الأشياء التي تجعلك تشعر بتحسن، وربما تود أن تبدأ بتدوين أهدافك المالية وتتخيل الامتنان الذي ستشعر به عند تحقيقها في المستقبل.

اجعل أهدافك مناسبة لك

قد يصادفك أشخاص يجعلون النجاح المالي يبدو أمراً سهلاً باختيار حل أو استراتيجية معينة، وقد تميل إلى أن تحذو حذوهم. أو قد ترى مؤثرين يعلنون عن مخططات مالية تبدو جيدة جداً لدرجة يصعب تصديقها، أو أناساً يتحدثون عن إيرادات مضمونة، أو ما يسمون بالخبراء الماليين الذين يتحدثون ببلاغة عن حل مالي ما. وقد تتأثر بهؤلاء الأشخاص عند تحديد أهدافك المالية.

تثبت الأبحاث حول تحديد الأهداف أن تحقيق أهدافك أمر مرجح أكثر في حال كانت تنسجم مع اهتماماتك وقيمك الشخصية. فعندما تضع أهدافاً تتناسب مع شخصيتك عند رسم خطة العمل الخاصة بك، ستشعر برضا أكبر عندما تعمل على تحقيقها وستتفادى فقدان الحافز والاهتمام بها بمرور الوقت. يُطلق على هذا المبدأ النفسي التوافق الذاتي والذي يعني أن نجاح أي عمل تقوم به لتحقيق هدفك ممكن أكثر إذا كان يتوافق مع اهتماماتك وقيمك الشخصية. لذلك، قبل أن تبدأ في تحديد أهدافك المالية، فكر في محفزات هذا الهدف: هل هو بسبب شيء سمعته من صديق، أو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ربما شيء يتعلق بالأشياء التي تهمك وتعتبرها مناسبة لك؟

في النهاية، ليست كل المقارنات الاجتماعية ضارة، لكن يجب أن تتجنب مخططات "الثراء السريع" وابحث عن المجتمعات التي يتشارك فيها أشخاص من مختلف المشارب قصصاً حقيقية ونصائح "مفيدة". فالتواجد ضمن مجتمع داعم سيساعدك في البقاء على المسار الصحيح لتحقيق أهدافك المالية، وسيخفف عنك الضغوط المالية، ويجنبك النفقات غير الضرورية. وقد يكون هذا المجتمع عبارة عن منصة يمكنك أن تشارك من خلالها التقدم الذي أحرزته في تحقيق أهدافك المالية بدلاً من التباهي بآخر مشترياتك ونفقاتك.